أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية قطاس سمير : الاعتداء على الدوحة يزيد المشهد الشرق أوسطي تعقيدا
تحاليل الجمهورية: يشهد الشرق الأوسط منذ سنوات حالة من الغليان المستمر بفعل الأزمات المتشابكة، من الحرب الدامية في غزة إلى التوتر المتصاعد بين إيران والكيان الصهيوني، مرورا بمحاولات القوى الدولية الإبقاء على الحد الأدنى من التوازن في منطقة غنية بالموارد ومفتوحة على كل الاحتمالات. وفي ظل هذه الفوضى، برزت قطر كوسيط دبلوماسي رئيسي مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف، وبخاصة في الملف الفلسطيني، حيث لعبت دورا محوريا في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. غير أن الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الدوحة، والذي استهدف قادة من حركة حماس كانوا يتفاوضون -وفق الوساطات الأمريكية والقطرية -حول تهدئة في غزة، قلب الطاولة وفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول مستقبل الوساطات ومسار التهدئة. [ رسائل متعددة وتداعيات متشابكة ] الدكتور قطاس سمير، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، يرى أن هذه الضربة لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة سياسية بامتياز. فإسرائيل - حسب تحليله - أرادت قطع الطريق أمام أي جهود يمكن أن تفضي إلى حل سياسي أو تهدئة في غزة، إذ دأبت حكومة نتنياهو على استغلال المسارات الدبلوماسية لكسب الوقت، لكنها ما إن تشعر بقرب التوصل إلى اتفاق حتى تسعى إلى إفشاله، لتعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر بما يخدم مشروعها التوسعي الرامي إلى تدمير القطاع وتهجير سكانه. ويضيف أن إسرائيل أرادت أيضا أن تؤكد للعالم أنها قوة فوق القانون، لا تخضع للمواثيق الدولية ولا تعترف بأي قواعد رادعة، وأنه لا يوجد مكان آمن لقيادات حماس مهما تنقلوا بين العواصم. هذا السلوك يجد غطاءً أمريكيا واضحا، إذ منحت واشنطن تل أبيب حرية التحرك دون خشية من المساءلة أو العقاب. [ ارتدادات إقليمية تعيد رسم أدوار دول الخليج ] أما على الصعيد الإقليمي، فيرى قطاس أن التداعيات قد تكون مباشرة على قطر نفسها، إذ قد تضطر الدوحة إلى إعادة النظر في احتضانها لقيادات حماس وفي استمرارها بلعب دور الوسيط، الأمر الذي قد يفاقم الأزمة ويزيدها تعقيدا. كما أن الاعتداء يضع صورة منطقة الخليج على المحك، بعدما ظلت تُقدَّم لعقود كواحة استقرار وسط اضطرابات الشرق الأوسط، فتعرض قطر لهجومين متتاليين، أحدهما إيراني والآخر صهيوني، سيجعل دول الخليج في موقع حرج قد يفرض عليها اتخاذ مواقف حازمة حتى وإن لم تكن عسكرية. ولا يقل خطورة عن ذلك، برأي قطاس، ما يمكن أن يترتب على صورة الولايات المتحدة نفسها، إذ يوشك أن ينهار ما تبقى من الثقة في دورها كوسيط. فكيف يمكن لواشنطن أن تدّعي السعي إلى إنهاء الحرب بينما تسمح لإسرائيل باستهداف أحد أبرز الوسطاء الموثوقين؟ ويخلص الدكتور قطاس سمير إلى أن الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة ليس حادثا عابرا، بل منعطف جديد يزيد المشهد الشرق أوسطي تعقيدا، ويدفع نحو تصعيد إقليمي ودولي قد يبدد ما تبقى من آمال في تهدئة وشيكة.

يشهد الشرق الأوسط منذ سنوات حالة من الغليان المستمر بفعل الأزمات المتشابكة، من الحرب الدامية في غزة إلى التوتر المتصاعد بين إيران والكيان الصهيوني، مرورا بمحاولات القوى الدولية الإبقاء على الحد الأدنى من التوازن في منطقة غنية بالموارد ومفتوحة على كل الاحتمالات. وفي ظل هذه الفوضى، برزت قطر كوسيط دبلوماسي رئيسي مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف، وبخاصة في الملف الفلسطيني، حيث لعبت دورا محوريا في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. غير أن الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الدوحة، والذي استهدف قادة من حركة حماس كانوا يتفاوضون -وفق الوساطات الأمريكية والقطرية -حول تهدئة في غزة، قلب الطاولة وفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول مستقبل الوساطات ومسار التهدئة. [ رسائل متعددة وتداعيات متشابكة ] الدكتور قطاس سمير، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، يرى أن هذه الضربة لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة سياسية بامتياز. فإسرائيل - حسب تحليله - أرادت قطع الطريق أمام أي جهود يمكن أن تفضي إلى حل سياسي أو تهدئة في غزة، إذ دأبت حكومة نتنياهو على استغلال المسارات الدبلوماسية لكسب الوقت، لكنها ما إن تشعر بقرب التوصل إلى اتفاق حتى تسعى إلى إفشاله، لتعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر بما يخدم مشروعها التوسعي الرامي إلى تدمير القطاع وتهجير سكانه. ويضيف أن إسرائيل أرادت أيضا أن تؤكد للعالم أنها قوة فوق القانون، لا تخضع للمواثيق الدولية ولا تعترف بأي قواعد رادعة، وأنه لا يوجد مكان آمن لقيادات حماس مهما تنقلوا بين العواصم. هذا السلوك يجد غطاءً أمريكيا واضحا، إذ منحت واشنطن تل أبيب حرية التحرك دون خشية من المساءلة أو العقاب. [ ارتدادات إقليمية تعيد رسم أدوار دول الخليج ] أما على الصعيد الإقليمي، فيرى قطاس أن التداعيات قد تكون مباشرة على قطر نفسها، إذ قد تضطر الدوحة إلى إعادة النظر في احتضانها لقيادات حماس وفي استمرارها بلعب دور الوسيط، الأمر الذي قد يفاقم الأزمة ويزيدها تعقيدا. كما أن الاعتداء يضع صورة منطقة الخليج على المحك، بعدما ظلت تُقدَّم لعقود كواحة استقرار وسط اضطرابات الشرق الأوسط، فتعرض قطر لهجومين متتاليين، أحدهما إيراني والآخر صهيوني، سيجعل دول الخليج في موقع حرج قد يفرض عليها اتخاذ مواقف حازمة حتى وإن لم تكن عسكرية. ولا يقل خطورة عن ذلك، برأي قطاس، ما يمكن أن يترتب على صورة الولايات المتحدة نفسها، إذ يوشك أن ينهار ما تبقى من الثقة في دورها كوسيط. فكيف يمكن لواشنطن أن تدّعي السعي إلى إنهاء الحرب بينما تسمح لإسرائيل باستهداف أحد أبرز الوسطاء الموثوقين؟ ويخلص الدكتور قطاس سمير إلى أن الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة ليس حادثا عابرا، بل منعطف جديد يزيد المشهد الشرق أوسطي تعقيدا، ويدفع نحو تصعيد إقليمي ودولي قد يبدد ما تبقى من آمال في تهدئة وشيكة.
