أمن الأمة والأوطان هي أولى الاهتمامات بعد فرائض الإيمان
أ. محمد مكركب نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ أرى من واجبي كمواطن جزائري، ومن خلال مسؤوليتي في المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أن أكون العين الحارسة لصالح ديني ووطني، وأن أكون القلب المهتم بأمتي وجميع المسلمين، وأن نستيقظ جميعا، يقظة العقل والضمير، إدراكا للواقع والمصير، كيف لا، ونحن نعيش هذا الواقع المليء بالتوترات …

أ. محمد مكركب
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
أرى من واجبي كمواطن جزائري، ومن خلال مسؤوليتي في المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أن أكون العين الحارسة لصالح ديني ووطني، وأن أكون القلب المهتم بأمتي وجميع المسلمين، وأن نستيقظ جميعا، يقظة العقل والضمير، إدراكا للواقع والمصير، كيف لا، ونحن نعيش هذا الواقع المليء بالتوترات والمشاحنات في السياسات الدولية، والتغيرات الأمنية في الشام العربي الإسلامي، والساحل الإفريقي الإسلامي، فيما تتعرض له فلسطين من الحرب العدوانية، وفيما يُلَوِّحُ به مُقلدو السياسات الاستعمارية القديمة والجديدة، من الانتقادات البغيضة والمغرضة، ضد بلدنا الجزائر، بسبب موقفنا الشجاع في نصرة الحق، والوقوف مع الشعوب المظلومة. وفي هذا الصدد ورد في بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي صدر عن المكتب الوطني للجمعية، يوم السبت.13 شوال 1446ه الموافق. 12 أفريل 2025م. جاء في الفقرتين الأولى والثانية منه مايلي: {بعد مدارسة وتداول لجملة من القضايا التنظيمية للجمعية وقضايا الأمة والوطن، خلص المكتب الوطني إلى ما يلي: إن جمعية المسلمين الجزائريين، باعتبارها حارسة للفضيلة، وراعية للقيم، رفقة غيرها من الهيئات، تشيد بكل الجهود المبذولة للحفاظ على المقدسات الإسلامية، وعناصر الهوية الوطنية… وتؤكد جمعية العلماء أن الجزائر مستهدفة من طرف قوى معادية، وتدعو للتصدي لكل محاولات زعزعة استقرار الجزائر وأمنها، كما تدعو الأمة الجزائرية للتحلي باليقظة، والالتفاف حول مؤسسات الدولة للحفاظ على الثوابت الوطنية، والذود عن حدود وحياض بلادنا..} والمقصد من هذا المقال الذي بين يديك الآن: لفت النظر العام والخاص، إلى أهمية البيان، والعمل على ترجمته دراسة وإنجازا وتنفيذا، وفق مقاصده ومراميه، وليعلم القارئ المهتم بأمر الدين والأمة والوطن، أن القضايا السياسية المطروحة على الساحة العالمية تقتضي اهتمامات جادة، و اجتهادات فاعلة. والمقصد الثاني من هذا المقال: أننا في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، نَشْعر ونُحِس بالمسؤولية الكبيرة، والأمانة العظيمة التي حُمِّلَها علماءُ الأمة، للقيام بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالحكمة والموعظة الحسنة والنصح والوصية، والتعاون العلمي الثقافي، والتربوي الإصلاحي، مع أولي الأمر كما أمر رب العالمين سبحانه وتعالى. وعليه يمكن التصدي لمعالجة ثلاث قضايا أذكرها في هذا المقال. القضية الأولى: قضية التعامل مع المساومات: وأن النصيحة تقتضي الثبات على المواقف الشجاعة، بأن لا نركع لشرق ولا لغرب، لا بالتطبيع ولا بالمداهنات. وأننا تعلمنا من ديننا ومن كتاب ربنا أن من اعتصم بالله هَدَاه، ومن توكل عليه نصره وقَوَّاه، ومن دعاه بصدق ويقين استجاب له ونَجَّاه. ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل عمران:173) مع بذل الوسع في الاستعداد والإعداد، لما يقتضيه أمر الجهاد. القضية الثانية: قضية فريضة تفعيل الشورى العلمية: مع كل أهل العلم والفكر ضمن مؤسسات المجتمع. عملا بما بين الله عز وجل، لكل المؤمنين. حيث قال تبارك وتعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ (سورة الشورى:38) وعملا بما أمر الله به رسوله عليه الصلاة والسلام. ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (آل عمران:159) قال الحسن (ما شاور قومٌ قط إلاّ هُدوا لأرشد أمورهم) وكان الرسول عليه السلام، كثير يشاور أصحابه. قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله﴾ إِذا عقدت قلبك على أمر بعد الاستشارة والتدبر والدراسة والتخطيط والإعداد، فاعتمد على الله وفوّض أمرك إِليه، فإن الله سبحانه يحب المعتمدين عليه، المفوضين أمورهم إِليه. وقد ورد في الأثر هذا القول الحسن الرائع. [ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد.] (المعجم الأوسط:6627) والقضية الثالثة: قضية الوعي الديني والسياسي للقيام بفريضة الاستعداد والإعداد على الدوام: لأن الكفار وخصوصا اليهود المعتدين، والنصارى المتسلطين على الشعوب الضعيفة، أنهم مستمرون في اعتدائهم على المسلمين، قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ (البقرة:217) وبما أنهم مستمرون في اعتداءاتهم، وجب أن نكون مستمرين في اليقظة والاستعداد، هذا وأن تكالبهم زاد طغيانا وتطاولا، في هذه العقود الأخيرة، والسبب أن الكافرين والمنافقين يحسدون المسلمين، وأن الجزائر يحسدونها أكثر لمواقفها مع الحق، ولما لها مر رصيد تاريخي في الجهاد، ولنصرتها للمسلمين المظلومين، وتعشق الشعب الجزائري للحرية والعزة والكرامة. قال الله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ (البقرة:109) ومما شجع الكافرين، وجَرَّأَهُمْ على الاعتداء على المسلمين، هو ما يعرف بالتطبيع الذي سقطت فيه بعض الأنظمة السياسية، ممن خالفوا أحكام الشرع، في النهي عن موالاة اليهود والنصارى الكافرين المحرابين. قال الله تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ (المائدة:51) نهى الله تعالى المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، وهذا النهى عن نصرهم وعن الاستنصار بهم، ونهى عن معاشرتهم معاشرة المؤمنين وعن مصادقتهم والتعاون معهم، فاليهود والنصارى الكافرون، هم يدٌ واحدة على المسلمين، لاتحادهم في الكفر والضلال، وملةُ الكفر واحدة. ومن يتولهم فهو من جملتهم وحكمهُ حكمهم. والموالاة من: وَالَى، يُوَالِي، فُلانٌ فلانا: ناصرهُ، حاباهُ، صادقه. قال الله تعالى: ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ﴾ لا تتخذوا المنافقين والكافرين أصدقاء تودونهم وتطلعونهم على أسراركم وتجعلونهم أولياء من غير المؤمنين. هذا أمر الله سبحانه، ووصيته لعباده المؤمنين. والدين النصيحة. نصيحة ملؤها الإخلاص صادقة.