المقاومةُ تَعزِلُ الكيانَ الصهيوني

د.خديجة عنيشل/ من كان يظنُّ قبل السابعِ أكتوبر المجيد أنَّ دولةَ الكيان الصهيوني سيؤولُ مصيرُها إلى هذا الهَوَان الدولي، وسينكشفُ إجرامُها البغيضُ وساديَّةُ حُكّامِها المقيتةُ ودمويَّةُ وُجودِها العَفِن؟؟!! كان العالَمُ قبل السابعِ أكتوبر يرى في الكيانِ الصهيونيِّ دولةَ الديمقراطية ودولةَ القوّةِ العسكرية ودولةَ المعرفةِ والبحثِ العلميِّ، ولكنَّ العالَمَ الآن يرى دولةَ الديمقراطيةِ تقتلُ الأطفالَ وتحرقُهُم، …

يونيو 2, 2025 - 16:32
 0
المقاومةُ تَعزِلُ الكيانَ الصهيوني

د.خديجة عنيشل/

من كان يظنُّ قبل السابعِ أكتوبر المجيد أنَّ دولةَ الكيان الصهيوني سيؤولُ مصيرُها إلى هذا الهَوَان الدولي، وسينكشفُ إجرامُها البغيضُ وساديَّةُ حُكّامِها المقيتةُ ودمويَّةُ وُجودِها العَفِن؟؟!! كان العالَمُ قبل السابعِ أكتوبر يرى في الكيانِ الصهيونيِّ دولةَ الديمقراطية ودولةَ القوّةِ العسكرية ودولةَ المعرفةِ والبحثِ العلميِّ، ولكنَّ العالَمَ الآن يرى دولةَ الديمقراطيةِ تقتلُ الأطفالَ وتحرقُهُم، ودولةَ القوةِ العسكريةِ تنهزمُ أمامَ سواعدِ المقاومةِ الباسلةِ في غزّة، ودولةَ المعرفةِ والعلمِ تُفجِّرُ المدارسَ على رؤوسِ الأبرياءِ الذين نزحوا إليها كي لا يطالُهم قصفُ الطائراتِ الصهيونية. هذا الكيانُ الدمويُّ اليوم تكشّفت حقيقتُه التي طالما زيَّفَها الإعلامُ المتصهين، ولم يعد بمقدورِ أيِّ أحدٍ الاصطفافَ معه، بل إنَّ الذين يُعارضونهُ اليوم هم من دولةِ الكيانِ نفسِها؛ لقد زلزلت كلماتُ رئيس حزب الديمقراطيين يائير جولان المجتمعَ الصهيوني بأسره حين قال: «إسرائيل في طريقِها لأن تصبحَ منبوذةً مثلَ جنوبِ أفريقيا … الدولةُ العاقلةُ لا تشنُّ حرباً ضدَّ المدنيين، ولا تقتلُ الأطفالَ كهواية، ولا تضعُ هدفَهَا تهجيرَ السكان». لقد سقطت دولةُ الكيان الصهيوني سقوطاً أخلاقياً مدوياً ولن تقومَ لها قائمةٌ على الصعيد الإنساني بعد الآن. حتى الذين صنعوا هذا الكيانَ ضاقوا ذرعاً به فهذا وزيرُ الخارجيةِ البريطانيِّ دافيد لامي في كلمةٍ له أمامَ مجلسِ النواب يصرخ: «إن توسيع (إسرائيل) العملية العسكرية لا يمكن تبريره أخلاقيا. هذه ليست طريقةً لاستعادةِ الرهائن ….. لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ممارسات (إسرائيل) في غزة». وألمانيا على لسانِ مستشارها الجديد فريدريش ميرتس تُعلنُ معارضَتَها للوحشيةِ الصهيونية حيث تساءلَ مستنكراً: «ما الذي يفعلهُ الجيشُ الإسرائيلي في قطاعِ غزةَ الآن؟ بصراحة لا أفهم ما هو الهدفُ من التسبُّبِ في مثل هذه المعاناةِ للسكان المدنيين»!!. صحيحٌ إن هذه الدول تُعدُّ دولاً حليفةً وداعمةً للكيان المجرم ولكن هذه التصريحات تُظهرُ حَرَجاً شديداً وامتعاضاً واضحاً من الإجرامِ الصهيوني الذي باتَ محلَّ غضبٍ دوليٍّ عارم تُعبّرُ عنهُ المظاهراتُ الغربيةُ العارمةُ في الشوارع، والحِراكُ الطلابيُّ الواسعُ في الجامعات الأمريكية والأوروبية جعلَ من تجاهلِ تلكَ الدولِ للعدوانِ الصهيونيِّ على غزة أمراً مُستحيلاً . وهو ما يُبرِّرُ الانتقادات الشديدة غيرِ المسبوقة من دول الاتحاد الأوروبي تجاه النتن ياهو وحكومته ودولته. كل هذا يَشي بانهيارٍ دبلوماسي يحيقُ بدولةِ الكيان التي تترنّحُ تحت هجماتِ المقاومة الصامدة وتسيرُ إلى حتفِها شيئاً فشيئاً، وهذا ما صار يشعرُ به الصهاينةُ أنفسُهم ويُخرجونَهُ إلى العلن إذ قال إيتامار آيخنر المراسلُ الدبلوماسيُّ في صحيفة يديعوت أحرونوت أن «إسرائيل وصلت إلى أدنى مستوياتها الدبلوماسية بعد 593 يوما من الحرب، وتحولت إلى دولةٍ منبوذة».
والكيانُ الصهيونيُّ الذي يستوردُ سلاحَهُ من أمريكا ودولِ الغرب والشرق، ويمتلكُ جيشاً من أكثرِ الجيوشِ عسكَرَةً وتِقانَةً يتلقّى ضرباتٍ موجعةٍ وصميمة من ثُلَّةٍ مِؤمنةٍ بنصرِ الله تعيشُ في الأنفاق وتصنعُ سلاحَها بأيديها.. هذا الكيانُ اليوم يُحشرُ في زاوية العقوبات الاقتصادية فيخسر اقتصادُهُ يومياً ملايين الدولارات؛ حيث أعلن وزيرُ الخارجيةِ البريطاني تعليقَ لندن مفاوضاتِ التجارةِ الحرة مع (إسرائيل) بسبب الوضع في غزة. كما فرضت بريطانيا عقوباتٍ على عددٍ من الأفراد والكيانات في الضفة الغربية المحتلة، قالت إنهم مرتبطون ب(أعمالِ عنفٍ) ضد الفلسطينيين. ومن جهةٍ أخرى تستمرُّ حركةُ المقاطعة الشعبية BDS في حملاتِها لمقاطعة كل المنتجات التي تدعمُ شركاتُها الجيشَ الصهيوني، وكتبت هذه الحركةُ في موقعها الرسمي قائلةً:»قد أدّت حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات إلى إقدام شركات كبرى مثل فيوليا (Veolia) وأورانج (Orange) وسي آر إتش (CRH) على إنهاءِ تورطها في المشاريع (الإسرائيلية) كليًا، كما وأدّت إلى سحبِ مجموعةٍ واسعةٍ من المستثمرين لاستثماراتهم من الشركات (الإسرائيلية)، وكذلك من الشركات العالمية المتواطئة». والاتحادُ الأوروبيُّ لأولِ مرةٍ يُراجعُ الشراكةَ بينه وبين دولةِ الصهاينة ولم يعد ينفعُ هذه الدولةَ المارقةَ المجرمة فزّاعةُ معاداةِ السامية لأنَّ جرائمَها في غزّة وثَّقت لأكبرِ إبادةٍ في تاريخ البشرية، وصورَ حرقِها الأطفالَ والنساء -التي صارت كوابيسَ حقيقيةً للعالَمِ كلِّه- أبطلت إلى الأبد السرديَّةَ الصهيونيةَ الكاذبة، وكشفت الوجهَ النجس المجرم للصهاينة ومن والاهم ودافعَ عنهم. ومن حيثُ يريدُ هذا الكيانُ المُجرم إبادةَ غزّة بشتّى أنواعِ السلاح يتحوّلُ هذا السلاحُ إلى أداةٍ يقتلُ بها نفسَه؛ فبسببِ الإنفاق الحربي دخلت دولةُ الاحتلالِ القاتلة إلى نفقِ التضخّم وارتفاعِ الضرائب والتقشّف ويكفي أن نعرفَ أنَّ الكنيست وافقَ على ميزانيةٍ إضافيةٍ تُقدَّرُ بـ 924 مليون دولار للمساعدة فقط في تمويلِ إجلاء المدنيين والتكفُّلِ بمصاريفِ جنودِ الاحتياط حتى نهاية هذا العام.!! إنهم يُخربونَ بيوتَهم بأيديهم، وإنَّ رجالَ اللهِ في أرضِ غزّةَ المعجزة يُدافعون عن أرضِهم وعرضِهم بكلِّ ثباتٍ وصبر وبكلِّ بطولةٍ ورجولة ومن حيثُ أرادوا الانتصارَ لقضيّتِهم والذودَ عن حِياضِهم قدَّموا للبشريةِ جمعاءَ هديَّةً ما كانت لتكون لولا ملحمةُ السابعِ أكتوبر المجيد؛ فقد عرَّوا حقيقةَ الصهاينة وكشفوا أكاذيبَ دولةِ الاحتلال وشقُّوا طريقَ الإنسانيةِ الخالي من سمومِ ودَنَسِ الصهيونية فأحيَوا روحَ الإنسان الغربي التي أرادَ المُفسدونَ في الأرضِ طمسَها بالدياثةِ والفاحشةِ والعُهرِ والشرّ، وإنّهم اليومَ يُرغِمونَ جيشَ الاحتلالِ في ترابِ الذلّةِ والعار بما يُسطّرونَهُ من عملياتٍ جِهاديةٍ أسطوريةٍ خالدة، وبما يقهرونَ به دولةَ الكيانِ الفانية من حشرِها في زاويةِ النَّبذِ والبُغض .. فصارت هذه الدولةُ الباغيةُ بفضلِ السابعِ أكتوبر المجيد دولةً منبوذةً معزولة .. لم يبقَ لها في تاريخِ الناسِ هذا إلا زمنٌ يسيرٌ ثم تكونُ نسياً منسياً بحولِ الله.