بسبب الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر.. فرنسا تعلّق الاعتراف بمجازر 8 ماي 1945
مع إقتراب ذكرى مجازر 8 ماي 1945 و تواصل العلاقات الجزائرية الفرنسية مسار تدهورها أكثر، بعد بلوغها خلال الأسابيع الأخيرة مستويات “غير مسبوقة”، بلغت حد “القطيعة”، باستدعاء وسحب السفراء وطرد الموظفين الدبلوماسيين، في أعقاب حملة التصعيد والعداء الشرسة التي شنها اليمين المتطرف الفرنسي وأتباعه في الحكومة على الجزائر للإساءة إلى العلاقات الثنائية أكثر، رغم المساعي […] The post بسبب الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر.. فرنسا تعلّق الاعتراف بمجازر 8 ماي 1945 appeared first on الجزائر الجديدة.

مع إقتراب ذكرى مجازر 8 ماي 1945 و تواصل العلاقات الجزائرية الفرنسية مسار تدهورها أكثر، بعد بلوغها خلال الأسابيع الأخيرة مستويات “غير مسبوقة”، بلغت حد “القطيعة”، باستدعاء وسحب السفراء وطرد الموظفين الدبلوماسيين، في أعقاب حملة التصعيد والعداء الشرسة التي شنها اليمين المتطرف الفرنسي وأتباعه في الحكومة على الجزائر للإساءة إلى العلاقات الثنائية أكثر، رغم المساعي المبداة سابقًا للتوصل إلى التهدئة.
ففي ظل التوتر والتشنجات المتزايدة التي تعصف بالعلاقات بين الجزائر وباريس، على وقع ملفات وقضايا عديدة محل خلافات، منها قضية الهجرة، التأشيرات، مسألة توقيف الكاتب بوعلام صنصال، وصولاً إلى انقلاب موقف فرنسا إزاء الصحراء الغربية، سيشكل ملف الذاكرة التاريخية المشتركة سببًا إضافيًا لزيادة اتساع الشرخ في العلاقات الثنائية، بعد إعلان باريس عزمها عدم الاعتراف بمجازر 8 ماي 1945، وهي التي ارتكب في خضمها الجيش الفرنسي مجازر وجرائم ضد الإنسانية، سقط فيها أزيد من 45.000 جزائري، لتبقى عارا على جبين السلطات الاستعمارية الفرنسية.
وتشير التقارير الفرنسية إلى أنّ “الاعتراف بمجازر 8 ماي 1945 الذي كان قيد الإعداد، بقمع دموي أودى بحياة عدة آلاف من المتظاهرين الجزائريين، توقف بسبب الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، وفق ما أوردته صحيفة “ليبيراسيون” في تقرير لها بقلم فيكتور بواتو، متسائلةً هل ستعترف فرنسا رسميا بعد 80 عاما، بالمجازر التي ارتكبتها ولم تعترف بها قط، شمال قسنطينة يوم 8 ماي 1945؟ فهي تمثل صفحة سوداء في تاريخ العلاقات بين البلدين، وقد أسفرت عن مقتل عدة آلاف من الجزائريين.
ويقول مصدر متابع لملف النصب التذكاري الفرنسي الجزائري إن “كل شيء لا يزال ممكنا. لم نفقد الأمل”، وذكّر بأن الذكرى الـ80 للمجازر تمثل “لحظة مناسبة” لمثل هذا الاعتراف، ولكن الحكومة تخشى أن أي بادرة امتنان جديدة للجزائر ستفهم على أنها اعتراف بالضعف تجاه الجزائر. ومع ذلك لا تزال مجازر 8 ماي 1945 في الجزائر صفحة سوداء في تاريخ السلطة الاستعمارية السابقة -كما تقول الصحيفة- إذ احتفلت الحشود في ذلك اليوم باستسلام ألمانيا النازية وانتصار الحلفاء في فرنسا وفي الجزائر أيضا لأن آلاف الجزائريين ضحوا بأرواحهم لتحرير فرنسا، وتحدثوا عن أملهم في الاستقلال.
وتحدث المؤرخ جان لوي بلانش، عن مقتل ما بين 20 و30 ألف جزائري خلال المظاهرات، فيما تشير الأرقام الرسمية بنحو 45 ألف جزائري، لتشكل هذه المذابح -حسب المؤرخين- بدايات حرب التحرير، وبذور الانتفاضة التي بدأت يوم 1 نوفمبر 1954، وولادة القومية الجزائرية.
ولكن فرنسا تأخرت في وصف هذا الفصل من تاريخها الاستعماري، وإن كان السفير الفرنسي في الجزائر ألقى كلمة قوية عام 2005 في جامعة فرحات عباس بسطيف، واصفا ما حدث بأنه “مأساة لا تغتفر”، وأشار خليفته، برنار باجوليه عام 2008، إلى “المسؤولية الجسيمة التي تتحملها السلطات الفرنسية آنذاك في إطلاق العنان لهذا الجنون القاتل”، وأضاف “لقد ولى زمن الإنكار“.
وبالفعل صرح الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند أثناء زيارة للجزائر عام 2012 أن “الجزائر خضعت مدة 132 عامًا لنظام ظالم ووحشي للغاية. أدرك هنا المعاناة التي ألحقها الاستعمار بالشعب الجزائري”، ودعا إلى “كشف الحقيقة بشأن حرب الجزائر”، دون أن يقدم اعتذارا رسميا باسم الدولة.
وتشهد العلاقات بين الجزائر وفرنسا تصعيدًا دبلوماسيًا “غير مسبوق” خلال الأشهر الماضية، على وقع قضايا ملفات عديدة، كانت بدايتها انقلاب موقف باريس الرسمي إزاء قضية الصحراء الغربية، المصنفة أمميًا على أنها قضية “تصفية استعمار”، فيما لم تنجح مساعي الجانبين في التوصل إلى تهدئة وترميم العلاقات المتدهورة، في أعقاب حملات العداء والاستفزازات التي قادها اليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر، مستغلاً في ذلك قضية توقيف الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال وإيداعه السجن، مسألة المهاجرين الجزائريين، لتصل حد الإقدام على طرد الدبلوماسيين، وهي سابقة في تاريخ العلاقات بين الجزائر وفرنسا.
عبدو.ح
The post بسبب الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر.. فرنسا تعلّق الاعتراف بمجازر 8 ماي 1945 appeared first on الجزائر الجديدة.