على هامش الاحتفاء القرآني الكبير في سطيف ملاحظات لا بد منها

أ. حسن خليفة/ حقا، لقد كان حدثا مهما وبارزا، حدثا إيجابيا؛ لأنه يصبّ في «لُب» تنمية الإنسان الجزائري، وهل ثمة أفضل من القرآن الكريم الشريف العظيم في التربية والإعداد الجميل للإنسان، وتنمية جميع مهاراته، في جميع مجالات الحياة الإنسانية، مضافا إليها صقله أخلاقيا ونفسيا ووجدانيا، وذلك هو عطاء التربية بالإسلام. وحيث إنه حدث كبير فلا …

يونيو 2, 2025 - 16:25
 0
على هامش الاحتفاء القرآني الكبير في سطيف ملاحظات لا بد منها

أ. حسن خليفة/

حقا، لقد كان حدثا مهما وبارزا، حدثا إيجابيا؛ لأنه يصبّ في «لُب» تنمية الإنسان الجزائري، وهل ثمة أفضل من القرآن الكريم الشريف العظيم في التربية والإعداد الجميل للإنسان، وتنمية جميع مهاراته، في جميع مجالات الحياة الإنسانية، مضافا إليها صقله أخلاقيا ونفسيا ووجدانيا، وذلك هو عطاء التربية بالإسلام.
وحيث إنه حدث كبير فلا بد من ملحوظات نسجلها هنا على أمل الاستفادة الجادة من هذا الحدث الرائع المهيب.
1ـ إن هذا العمل الكبير جزء من عمل الجمعية ومهمتها الرئيسة في خدمة الدين والوطن، من خلال التربية والتعليم وبالأخص منها التعليم في النوادي القرآنية المنتشرة في كل ولايات الوطن الغالي . ولعله من المفيد أن نتعرّف على تفاصيل هذا الجانب من عمل الجمعية والذي يمكن إدراجه في «جمعية العلماء وجهودها التربوية»، وأتصور أن هذا جزء من واجبات الشعب الولائية والبلدية.. اعني التعريف بمدارسها القرآنية، ومناهجها وجهودها حتى يعرف المجتمع كله حقائق الجهود التي تُبذل في هذا الميدان، فيزداد الاطمئنان إلى محاضن الجمعية ويتعمق في نفوس الناس دور الجميعة المجتمعي المهم والكبير.
ولذلك أيضا ـ أي التعريف بجهود الجمعية القرآنية ـ حتى يعلم المجتمع الجزائري بتفاصيله؛ وحتى يتأكد من حقيقة وطبيعة عمل الجمعية، وأنه بنائي وبنّاء، ولذلك وجب أن تُدعم من جميع الجهات، بما في ذلك الدولة؛ لأن عملها في صلب عملية البناء، وفي قلب عملية التنمية الإنسانية الراشدة التي أساسها هو التربية والثقافة والتعليم.
2ـ إنه من الضروري جدا زيادة الاهتمام بملمح «التدبّر» في برامج التعليم القرآني سواء في الجمعية، أو في المدارس القرآنية التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وفي غيرها.لأن التدبر هو الأصل في تلقي القرآن الكريم، وهو السبيل إلى تحريك العقول والنفوس والقلوب به (أي بالتدبر). والأمر هام وعاجل. فقوله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن …}؟ هو المفتاح في التعامل مع القرآن الكريم لكل المسلمين.
3 ـ من المؤسف جدا أن تتأخر وسائل الإعلام عن شهود مثل هذا الحدث الهام، وما أكثر تلك الوسائل، من قنوات، ومواقع، وصحف، وصفحات وقنوات يوتيوب.
والسؤال: ما هي أولويات إعلامنا الوطني. إن كان مثل هذا الحدث المهم لا يمثل لديها شيئا ذا بال؟. حقا.. إنه لمن المؤسف أن تدور المتابعات الإعلامية في معظمها حول مسائل هامشية غير ذات نفع للمجتمع. ولعل هذا يستوجب إعادة النظر في «أدوار» الإعلام في بلدنا، فهو على كثرته في الوسائل: صحفا، ومواقع، وقنوات وغيرها .. لا يؤدي الكثير في مجال تغيير المجتمع نحو الأحسن والأفضل.
4 ـ الحقيقة المهمة الأخرى التي يجب أن نوضحها في هذا السياق هي: إن جهود أبناء وبنات الجمعية في مجال التعليم والتربية كبيرة، لكن ثمة حاجة ماسة إلى تقريب التصورات، والتقليل من الفجوات فيما يتعلق بركن التربية والتعليم، وخاصة في المجالين الشرعي والقرآني، فلابد من توحيد المناهج والتصورات، وإعداد برامج ذات مستوى عال في هذا المجال تكون موحدة متناغمة واقعية ذات أهداف ملموسة قابلة للقياس. وقد باشرت الجمعية في السنوات القليلة الماضية بعضا من الجهود في هذا الإطار ـ أي تقريب وتوحيد المناهج والتصورات ـ ولكن لم تكتمل تلك الجهود للأسف، لأسباب عدة ولعله من المفيد جعل هذا الأمر أولوية من الأولويات المستعجلة.
و من المفيد هنا الإشارة إلى كتاب جليل ألفه الشيخ الدكتور أحمد شرفي الرفاعي قبل وفاته رحمه الله وقد حمل عنوان « المدرسة القرآنية العصرية» وقد دفع به إلى دار الهدى للطبع والنشر، ولكنه لم يرَ النور بعدُ .هذا الكتاب خلاصة مهمة لمعرفة وتجربة ومعايشة وفكر متين للأستاذ الشيخ الرفاعي رحمه الله تعالى، لا بد من الاستفادة من التجارب داخليا وخارجيا فيما يتعلق بشؤون التعليم الذي صار ملمح الإبداع والابتكار فيه حاضرا بقوة…
5ـ يلفت نظر كل من حضر ذلك الاحتفاء المهيب بروز أجيال متباينة في هذا الحفل من حيث الأعمار على الأقل، بمن في ذلك قيادات الجمعية وأبناؤها وبناتها (صغار، كبار، رجال نساء، رموز، شباب الخ. كان شيئا رائعا، وإنه من الرائع دائما أن يكون حضورأعضاء الجمعية بهذا الزخم وبهذا الألق، فإن ذلك يعطي فكرة صحيحة عن التواصل والانتظام والمحبة والوفاء في صفوف الجمعية، وهذا رصيد مهم للغاية.
6 ـ جزء من تميز الجمعية تصنعه على الغالب شُعبها وبالأخص منها النشطة الحيّة، ولذلك وجب الحرص على دعم هذه الشعب بشكل دائم ومباشر، من جهة، والالتفات إلى باقي الشعب لتحفيزها وتقويتها، ودعمها، من جهة أخرى، حتى تتقارب في نشاطها وعملها، وتتكامل في رصيدها العام الذي يصبّ في خدمة الدين والوطن.