جمعية العلماء تحاضر حول أخلقة الاستهلاك وتعزيز منظومة القيم في الأسواق

أ. مصطفى كرموس */ شاركت يوم الأربعاء الفارط الثلاثين من شهر أفريل في يوم دراسي إعلامي موسوم: «اقتصاد السوق بين صناعة مجتمع الاستهلاك وتحديات النزعة الاستهلاكية» تحت شعار : «لنتعاون على أخلقة الاستهلاك وتعزيز منظومة القيم في الأسواق»، تحت إشراف الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين fac، بمشاركة عدة هيآت وهي: – وزارة التجارة وتنظيم السوق الداخلية – …

مايو 5, 2025 - 18:32
 0
جمعية العلماء تحاضر حول  أخلقة الاستهلاك وتعزيز منظومة القيم في الأسواق

أ. مصطفى كرموس */

شاركت يوم الأربعاء الفارط الثلاثين من شهر أفريل في يوم دراسي إعلامي موسوم: «اقتصاد السوق بين صناعة مجتمع الاستهلاك وتحديات النزعة الاستهلاكية» تحت شعار : «لنتعاون على أخلقة الاستهلاك وتعزيز منظومة القيم في الأسواق»، تحت إشراف الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين fac، بمشاركة عدة هيآت وهي:
– وزارة التجارة وتنظيم السوق الداخلية
– ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف،
– المجلس الإسلامي الأعلى
– المرصد الوطني للمجتمع المدني
– المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
– جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
– المؤسسة الجزائرية لصناعة الغد
– مركز البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية Crasc
– وكثير من المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني
– ثلة من الأساتذة والدكاترة المتخصصين
– وسائل إعلام مرئية، مسموعة ومكتوبة
وقد كانت لي مداخلة بعنوان: «الضوابط الشرعية للارتقاء بالاستهلاك من الضرورة والحاجة إلى التعبد»، التي بدأتها بحمد الله والثناء عليه الذي جعلنا مسلمين وأنزل إلينا شريعة جميلة شاملة، مقاصدها عظيمة كحفظ النفس والعقل والنسل، تضبط العلاقة بالخالق و الخلائق، تُحِلّ لنا الطيبات وتحرم علينا الخبائث.
ثم أجبت عن تسائل لمتدخّل قبلي حول كون الاستهلاك محمودا أو مذموما وتقرير ضرورة الاستهلاك، فقلت:
الإنسان مستهلك لا محالة وأول ما يستهلك الوقت والعمر الذي حدده له الله فكل ساعة تمر تُنقِص من عمره حتى يحين أجله وسيُسأل عنه ولن تزول قدماه يوم القيامة حتى يكون ذلك ويستهلك الرزق الذي حباه الله لا يتجاوزه لكن يبتليه في كيفية التصرف فيه.
فكلنا مستهلِك وكلنا يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها
ولقد كان أول ابتلاء وامتحان آدم عليه السلام في الجنة في الأكل (في الاستهلاك).
إن ديننا ليس فيه فراغ فيُملئ وكل ما ينقصنا هو العلم به والفاعلية، إن ديننا يعلّمنا أن تكون عبادتنا وحياتنا ومماتنا لله فقال تعالى: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين»، فأول ضابط للارتقاء بالاستهلاك إلى التعبد هي النية الخالصة لله وحده ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان كيف نخلص النية لله ونصحح العلاقة به ونقويها بصلاة التراويح، ثم نستجيب لأمره جل جلاله في الأمر بالأكل والشرب حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، قال الله تعالى: «وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل».
ويجسّد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «تسحّروا فإن في السّحور بركة»، وهنا يقوم المسلم ليتسحّر فيأكل ويشرب لا لضرورة ولا لحاجة ولا لعادة بل للبركة والتّعبد.
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى على العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها».
والضابط الثاني ضابط النوع والكم ويدخل تحت النوع الحلال والحرام والشّبَه، وتحت الكم يدخل الاعتدال بحيث لا إسراف ولا تقتير ولا تبذير، قال الله تعالى: «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما».
وقال الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :» إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه أو يرتع فيه ألا إن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
وكان مما ذكرت في المداخلة أن الغرب لا يريد التعارف والتعاون بل يريد فرض نفسه ومصالحه بالقوة والحرب فالاستهلاك الأمني والحربي العسكري هو أكبر استهلاك كما هو الوضع في أكرانيا التي استهلكت كل شي من مقدراتها وثرواتها حتى أبناءها في حربها وباعت أرضها لا لترتقي وتتطور لكن لسداد ديونها وتكاليف الحرب، وكذلك ما يحدث في المشرق العربي فلسطين وسوريا والعراق
وما يراد ويُكاد ببلادنا الجزائر، ومما تحدثت عنه و ذكرته في المداخلة بعض من قيمنا الدينية الماثلة في المجتمع كالتشارك والتعاون لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن ثلاثا قيل من يا رسول الله قال الذي يبيت شبعانا وجاره جائع وهو يعلم» ولامتداحه صلى الله عليه وسلم على للأشعريين لجمعهم ما عندهم من طعام في ثوب واحد واقتسامه بينهم بالسّوية عند الخصاصة (ثيمشرط أو لوزيعة كما يصطلح بالقبائلية).
ثم حمدت الله كما حمدته في البداية على نعمة الإسلام والتوحيد، حمدته على نعمة وطننا المفدّى الجزائر، وقد حبانا الله من كل الأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة.
وكنت وددت لو كفاني الوقت لأكمل عن الاستهلاك الثقافي والفكري والديني واستيراد الفتوى من الخارج لكن حال الوقت دون ذلك.
ولله الحمد والمنة على تمام هذا اليوم الدراسي الطيب.

* نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين