رأي/ حين تجتمع السياسة بالحكمة النبوية: قراءة في زيارة وزير الشؤون الدينية للفاتيكان
أثارت زيارة وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، إلى قداس تنصيب البابا ليون الرابع عشر، والتي جاءت بتكليف من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، نقاشًا في بعض الأوساط، بين مرحّب ومنتقد، وذهبت بعض الآراء إلى الطعن في مشروعية هذه الخطوة. غير أن هذه القراءة المتسرعة تتجاهل بُعدًا جوهريًا في الإسلام، وهو هدي النبي صلى الله [...] ظهرت المقالة رأي/ حين تجتمع السياسة بالحكمة النبوية: قراءة في زيارة وزير الشؤون الدينية للفاتيكان أولاً على الحياة.

أثارت زيارة وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، إلى قداس تنصيب البابا ليون الرابع عشر، والتي جاءت بتكليف من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، نقاشًا في بعض الأوساط، بين مرحّب ومنتقد، وذهبت بعض الآراء إلى الطعن في مشروعية هذه الخطوة.
غير أن هذه القراءة المتسرعة تتجاهل بُعدًا جوهريًا في الإسلام، وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع غير المسلمين، والذي قام على الحكمة، والعدل، والتسامح، لا القطيعة والتصادم.
وقد حضر هذا الحدث الرسمي، الذي يُعدّ من أبرز المناسبات في الفاتيكان، كلٌّ من سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، وسفير الجزائر بجمهورية إيطاليا، إلى جانب رئيس أساقفة الجزائر، في مشهد يعكس حرص الدولة الجزائرية على ترسيخ الدبلوماسية الروحية والدينية، وتأكيد حضورها في المحافل ذات الطابع الرمزي والديني، بما يخدم قيم الحوار والتعايش بين الأديان.
والحق أن هذا الحضور لا يتعارض مع ثوابت الإسلام، بل ينسجم مع سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان نموذجًا في حسن التعامل مع غير المسلمين، ممن لم يكونوا في حالة عداء. فقد قبل هداياهم، وباع لهم واشترى منهم، واستأمنهم في السفر، وزار مرضاهم، وقال: “من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة” (رواه أبو داود).
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى معاملتهم بالعدل والإحسان، كما في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ… أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8].
الدعوة بالحكمة، لا بالإقصاء
من هديه صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه دعا غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يفرض عليهم الإسلام بالقوة، امتثالًا لقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99].
وهو القائل: “لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم” (البخاري)، ليؤكد أن الدعوة إلى الحق لا تكون بالصدام بل بالقدوة والكلمة الطيبة.
الدبلوماسية الروحية.. من هدي النبوة إلى واقع الدولة
إن مشاركة وزير الشؤون الدينية في هذا الحدث تحمل رسالة قوية بأن الجزائر تلتزم بهدي الإسلام الحقيقي، وتُجسّد قيم التعايش والسلام التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، بعيدًا عن التأويلات المتشددة التي تحرّف روح الدين عن مقاصده.
وفي وقت يشهد فيه العالم تحديات كبرى تهدد وحدة الشعوب، تُعدّ الدبلوماسية الروحية ركيزة أساسية في بناء علاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل، وهو ما تسعى الجزائر إلى تعزيزه إقليميًا ودوليًا.
بتوقيع محمد هواشم
ظهرت المقالة رأي/ حين تجتمع السياسة بالحكمة النبوية: قراءة في زيارة وزير الشؤون الدينية للفاتيكان أولاً على الحياة.