يأس الكيان الصهيوني من تصفية القضية الفلسطينية

تحاليل الجمهورية: ارتج الرأي العام العربي في الأيام الأخيرة على وقع العدوان الصهيوني على دولة قطر، وشكل هذا الفعل صدمة جديدة للمهتمين بالشأن السياسي العربي وتطورات القضية الفلسطينية. ويعود ذلك إلى عدد من العوامل أبرزها أدوار الوساطة التي اعتادت قطر على لعبها في النزاعات المختلفة بما فيها العدوان على قطاع غزة؛ إضافة إلى طبيعة العلاقات القطرية الأمريكية والتي تعتبر علاقات جيدة وفيها الكثير من التفاهمات، تأتي في مقدمتها وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية "قاعدة العديد" في المنطقة. وهي قاعدة تنطلق منها العمليات الجوية الأمريكية والتي تضم القوات الجوية البريطانية والجوية القطرية. كما أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقطر في شهر ماي الماضي أعطت انطباعا باستراتيجية العلاقات بين الطرفين حيث، وكما جاء على موقع BBC، بأن قطر تحولت من دولة "متهمة" إلى دولة "شريك" في عين السياسة الخارجية الأمريكية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العدوان على دولة ذات سيادة في العالم العربي أصبح قرارا يسيرا في السياسة الدولية منذ احداث 11 سبتمبر 2001. ومنذ هذا التاريخ، قررت الولايات المتحدة الامريكية أن تضع مفهوم السيادة جانبا عندما يتعلق الأمر بمكاسبها السياسية والاقتصادية بالدرجة الاولى. وقيام الكيان الصهيوني بهذا السلوك ضد قطر، لا ينفصل عن سياق سحق الدول التي تقف في وجه الرأسمالية والصهيونية حتى ولو كانت ذات علاقات يمكن وصفها بـ"المستقرة". ولم تكن المصالح الموجودة بينهم كافية للعدول عن فكرة توجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي القطرية، لأن استهداف قيادات فلسطينية داخلها، تم اعتباره الهدف الأسمى في ظل رؤية أمريكية-صهيونية تنطوي على قناعة راسخة بأن تلك المصالح المشتركة لن تتعرض للضرر، وهذا بسبب قوتهما العسكرية والدعائية "حيث كانت هناك حملة ضد قطر تهدف إلى تصويرها كدولة راعية للإرهاب"، وكذلك بسبب عدم صدور أي فعل عسكري ينم عن تحالف من طرف الدول العربية لصالح القضية الفلسطينية وبالأخص العدوان على غزة الذي يتواصل بشكل وحشي منذ 7أكتوبر 2023. إذن، ما قام به الكيان الصهيوني هو تعدي سافر على دولة مستقلة لها سيادتها ولها قدرتها وحريتها في اتخاذ القرارات الداخلية والخارجية بما تراه ملائما لمصالحها، بما في ذلك قرار استضافة قيادات أو مكاتب لأطراف ترى قطر في علاقتها بهم مصلحة حيوية. ولكن، بطبيعة الحال، جرت السياسة الدولية منذ سنوات على تطبيق قاعدة "أنت سيد وحر في حدود مصالح أطراف معينة". ويأتي السلوك الصهيوني في هذا السياق ضمن تغول واضح على العالم العربي والإسلامي وفيه تهديد مبطن بالتوسع والتمدد بالعدوان وباستخدام القوة العسكرية ضد آخرين. ونتيجة لذلك، تأتي القمة العربية والإسلامية الطارئة التي تستضيفها العاصمة القطرية "الدوحة" في سياق التباحث حول الوضع؛ حيث أوضح مستشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري وهو المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، بأن الهدف هو مناقشة مشروع بيان يتعلق بالهجوم الصهيوني الجبان وتبيان المواقف العربية والإسلامية التضامنية مع قطر. إن تحليل هذا الهجوم يمكن أن يتحقق عبر ثلاث أبعاد رئيسية: يتمثل البعد الأول في الخطوات التي يتبعها الكيان الصهيوني لتنفيذ خريطة ما سماه بـ"اسرائيل الكبرى" وهي تمثل مشروعا صهيونيا له أدوات مختلفة وكثيرة يأتي الاستفزاز في مقدمتها. وهذا ما ينجر عنه البعد الثاني والمتمثل في تحركات الكيان منذ عملية طوفان الأقصى، وهو يتحرك باتجاه مختلف الدول العربية من خلال التدرج في الهجوم الواحدة تلو الأخرى متى ما تمكن من ذلك (لبنان –سوريا )، وهنا يأتي البعد الثالث، حيث تلاعب الكيان الصهيوني بالصوت والصورة لدفع الدول العربية نحو الرد العسكري، ولكن لازالت هناك دول لم يتمكن من التدخل في سياساتها (الجزائر) أو دفعها إلى الرضوخ لسياساته هو (مصر –الأردن). وبالتالي، فإن وصف الهجوم بـ"الجبان" من طرف الخارجية القطرية (وهو الوصف الصحيح لكل سياسات الكيان الصهيوني) حقيقي. لأنه، نعم، يعبر عن ما يمتلكه الكيان من قدرات عسكرية واستخباراتية، ويحاول من خلالها أن يبعث رسالة تخويف إضافية للدول العربية وإجبارها على ان توافق على ابتلاعها، وهي رسالة على الدول العربية أن تقرأها جيدا لأن لسان حال هذا التصرف يقول بأنه لا وجود لرادع. ولكن في نفس الوقت، يقول هذا السلوك بأن الكيان، وبعد كل التقتيل والتشريد والتدمير، وكل المكر الذي عمل به ضد الفلسطينيين، لا يزال الفلسطينيون في أراضيهم ولا يزال هو يصارع وجودهم. وبهذا يكون هذا العدوان تعبيرا أيضا عن درجة اليأس الذي يشعر به الكيان في ظل فشل استفزازاته المتكررة وأفعاله الإجرامية في تصفية القضية الفلسطينية وفي تركيع الدول المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في استرجاع أراضيه. إذن، ومع ما تستطيع الآلية العسكرية الصهيونية من فعله ضد الإنسانية في قضية الأراضي الفلسطينية والعربية، يفقد الكيان الصهيوني الآن الجزء المتبقي من قدراته العقلية وهو يستدعي على نفسه وعلى من ينتمي إليه ومن يؤيده في كل دول العالم، المزيد من الرفض والنبذ وسيدخل هذا الكيان ضمن كماشة الرأي العالمي الذي سيحاصره، وتصاعد المقاومة في العالم العربي والإسلامي التي ستتوسع للانتقام منه. إذن، على الدول العربية والإسلامية أن تستعد لحماقات أكبر من طرف الكيان الصهيوني، وأن تتوقع منه أن يمتد بسلوكه الأرعن إلى أراضيها. ويعتبر التوافق العربي والإسلامي ضرورة قصوى في هذه المرحلة التي تتطلب الحذر والحزم كذلك. وعليها أيضا ان لا تبالغ في تقدير قدراته التي أثبتت المقاومة الفلسطينية بأنها تنطوي على الكثير والكثير من مواطن الضعف؛ حيث شكلت العقيدة الإسلامية والقوة الروحية أساس الخسائر التي لحقت بالآلة العسكرية الصهيونية.

سبتمبر 15, 2025 - 14:46
 0
يأس الكيان الصهيوني من تصفية القضية الفلسطينية
تحاليل الجمهورية:
ارتج الرأي العام العربي في الأيام الأخيرة على وقع العدوان الصهيوني على دولة قطر، وشكل هذا الفعل صدمة جديدة للمهتمين بالشأن السياسي العربي وتطورات القضية الفلسطينية. ويعود ذلك إلى عدد من العوامل أبرزها أدوار الوساطة التي اعتادت قطر على لعبها في النزاعات المختلفة بما فيها العدوان على قطاع غزة؛ إضافة إلى طبيعة العلاقات القطرية الأمريكية والتي تعتبر علاقات جيدة وفيها الكثير من التفاهمات، تأتي في مقدمتها وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية "قاعدة العديد" في المنطقة. وهي قاعدة تنطلق منها العمليات الجوية الأمريكية والتي تضم القوات الجوية البريطانية والجوية القطرية. كما أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقطر في شهر ماي الماضي أعطت انطباعا باستراتيجية العلاقات بين الطرفين حيث، وكما جاء على موقع BBC، بأن قطر تحولت من دولة "متهمة" إلى دولة "شريك" في عين السياسة الخارجية الأمريكية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العدوان على دولة ذات سيادة في العالم العربي أصبح قرارا يسيرا في السياسة الدولية منذ احداث 11 سبتمبر 2001. ومنذ هذا التاريخ، قررت الولايات المتحدة الامريكية أن تضع مفهوم السيادة جانبا عندما يتعلق الأمر بمكاسبها السياسية والاقتصادية بالدرجة الاولى. وقيام الكيان الصهيوني بهذا السلوك ضد قطر، لا ينفصل عن سياق سحق الدول التي تقف في وجه الرأسمالية والصهيونية حتى ولو كانت ذات علاقات يمكن وصفها بـ"المستقرة". ولم تكن المصالح الموجودة بينهم كافية للعدول عن فكرة توجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي القطرية، لأن استهداف قيادات فلسطينية داخلها، تم اعتباره الهدف الأسمى في ظل رؤية أمريكية-صهيونية تنطوي على قناعة راسخة بأن تلك المصالح المشتركة لن تتعرض للضرر، وهذا بسبب قوتهما العسكرية والدعائية "حيث كانت هناك حملة ضد قطر تهدف إلى تصويرها كدولة راعية للإرهاب"، وكذلك بسبب عدم صدور أي فعل عسكري ينم عن تحالف من طرف الدول العربية لصالح القضية الفلسطينية وبالأخص العدوان على غزة الذي يتواصل بشكل وحشي منذ 7أكتوبر 2023. إذن، ما قام به الكيان الصهيوني هو تعدي سافر على دولة مستقلة لها سيادتها ولها قدرتها وحريتها في اتخاذ القرارات الداخلية والخارجية بما تراه ملائما لمصالحها، بما في ذلك قرار استضافة قيادات أو مكاتب لأطراف ترى قطر في علاقتها بهم مصلحة حيوية. ولكن، بطبيعة الحال، جرت السياسة الدولية منذ سنوات على تطبيق قاعدة "أنت سيد وحر في حدود مصالح أطراف معينة". ويأتي السلوك الصهيوني في هذا السياق ضمن تغول واضح على العالم العربي والإسلامي وفيه تهديد مبطن بالتوسع والتمدد بالعدوان وباستخدام القوة العسكرية ضد آخرين. ونتيجة لذلك، تأتي القمة العربية والإسلامية الطارئة التي تستضيفها العاصمة القطرية "الدوحة" في سياق التباحث حول الوضع؛ حيث أوضح مستشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري وهو المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، بأن الهدف هو مناقشة مشروع بيان يتعلق بالهجوم الصهيوني الجبان وتبيان المواقف العربية والإسلامية التضامنية مع قطر. إن تحليل هذا الهجوم يمكن أن يتحقق عبر ثلاث أبعاد رئيسية: يتمثل البعد الأول في الخطوات التي يتبعها الكيان الصهيوني لتنفيذ خريطة ما سماه بـ"اسرائيل الكبرى" وهي تمثل مشروعا صهيونيا له أدوات مختلفة وكثيرة يأتي الاستفزاز في مقدمتها. وهذا ما ينجر عنه البعد الثاني والمتمثل في تحركات الكيان منذ عملية طوفان الأقصى، وهو يتحرك باتجاه مختلف الدول العربية من خلال التدرج في الهجوم الواحدة تلو الأخرى متى ما تمكن من ذلك (لبنان –سوريا )، وهنا يأتي البعد الثالث، حيث تلاعب الكيان الصهيوني بالصوت والصورة لدفع الدول العربية نحو الرد العسكري، ولكن لازالت هناك دول لم يتمكن من التدخل في سياساتها (الجزائر) أو دفعها إلى الرضوخ لسياساته هو (مصر –الأردن). وبالتالي، فإن وصف الهجوم بـ"الجبان" من طرف الخارجية القطرية (وهو الوصف الصحيح لكل سياسات الكيان الصهيوني) حقيقي. لأنه، نعم، يعبر عن ما يمتلكه الكيان من قدرات عسكرية واستخباراتية، ويحاول من خلالها أن يبعث رسالة تخويف إضافية للدول العربية وإجبارها على ان توافق على ابتلاعها، وهي رسالة على الدول العربية أن تقرأها جيدا لأن لسان حال هذا التصرف يقول بأنه لا وجود لرادع. ولكن في نفس الوقت، يقول هذا السلوك بأن الكيان، وبعد كل التقتيل والتشريد والتدمير، وكل المكر الذي عمل به ضد الفلسطينيين، لا يزال الفلسطينيون في أراضيهم ولا يزال هو يصارع وجودهم. وبهذا يكون هذا العدوان تعبيرا أيضا عن درجة اليأس الذي يشعر به الكيان في ظل فشل استفزازاته المتكررة وأفعاله الإجرامية في تصفية القضية الفلسطينية وفي تركيع الدول المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في استرجاع أراضيه. إذن، ومع ما تستطيع الآلية العسكرية الصهيونية من فعله ضد الإنسانية في قضية الأراضي الفلسطينية والعربية، يفقد الكيان الصهيوني الآن الجزء المتبقي من قدراته العقلية وهو يستدعي على نفسه وعلى من ينتمي إليه ومن يؤيده في كل دول العالم، المزيد من الرفض والنبذ وسيدخل هذا الكيان ضمن كماشة الرأي العالمي الذي سيحاصره، وتصاعد المقاومة في العالم العربي والإسلامي التي ستتوسع للانتقام منه. إذن، على الدول العربية والإسلامية أن تستعد لحماقات أكبر من طرف الكيان الصهيوني، وأن تتوقع منه أن يمتد بسلوكه الأرعن إلى أراضيها. ويعتبر التوافق العربي والإسلامي ضرورة قصوى في هذه المرحلة التي تتطلب الحذر والحزم كذلك. وعليها أيضا ان لا تبالغ في تقدير قدراته التي أثبتت المقاومة الفلسطينية بأنها تنطوي على الكثير والكثير من مواطن الضعف؛ حيث شكلت العقيدة الإسلامية والقوة الروحية أساس الخسائر التي لحقت بالآلة العسكرية الصهيونية.
يأس الكيان الصهيوني من تصفية القضية الفلسطينية