الجزائر شريك موثوق لسلوفينيا في الطاقة والتعاون الدولي

نحو شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد

تمضي الجزائر وسلوفينيا بخطى واثقة نحو تعزيز علاقاتهما الثنائية في ظل تحولات دولية متسارعة تفرض واقعًا جديدًا على خريطة التحالفات. حيث كشفت الزيارة الرسمية الأخيرة لرئيسة جمهورية سلوفينيا إلى الجزائر عن توافق لافت في الرؤى السياسية والاقتصادية بين البلدين، وترجمت إرادة واضحة لفتح آفاق تعاون تمتد من الطاقة والتكنولوجيا إلى القضايا الإنسانية والبيئية ذات البُعد العالمي.

هذه الزيارة الرسمية رفيعة المستوى أكدت على متانة الشراكة بين البلدين وفتحت آفاقًا جديدة للتعاون الاستراتيجي في مختلف المجالات، بدءًا من الطاقة وصولاً إلى القضايا الجيوسياسية والبيئية.

الجزائر… شريك موثوق في سوق الغاز الأوروبي

في تصريح قوي يؤكد على موقع الجزائر كمصدر طاقوي موثوق، صرّح رئيس الجمهورية أن “الجزائر بلد موثوق ومستعد لتلبية طلبات سلوفينيا فيما يخص الغاز، ولا يمكن لبلادنا أن تتأثر بأي تغييرات في المستقبل.”
هذا الموقف يأتي ليعزز مكانة الجزائر كلاعب أساسي في أمن الطاقة الأوروبي، في وقت تعرف فيه الأسواق تقلبات وتحديات مرتبطة بالتوترات الجيوسياسية وتحولات سوق الطاقة العالمي.

الجزائر، بثقلها كمصدر أساسي للغاز نحو أوروبا عبر أنابيب تربطها بإيطاليا وإسبانيا، تعتبر من بين الدول القليلة التي حافظت على استقرار صادراتها، مما يجعل منها خيارًا استراتيجيًا لسلوفينيا الباحثة عن مورد طاقوي مضمون وذي مصداقية.

توافق جزائري – سلوفيني حول قضايا الهجرة والذكاء الاصطناعي

وأكد رئيس الجمهورية على وجود “اتفاق تام مع رئيسة جمهورية سلوفينيا فيما يخص ملفات الهجرة غير الشرعية، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والمياه، والبيئة.”
هذا التوافق يعكس تطور العلاقات من مجرد تبادل اقتصادي إلى شراكة سياسية وعلمية قائمة على التعاون في قضايا تمثل تحديات عالمية.

وإعتبر الرئيس تبون أن التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والفضاء، على وجه الخصوص، يمثل نقلة نوعية تؤكد رغبة البلدين في الانخراط في العصر الرقمي والتكنولوجي من بوابة مشتركة.

فرص للشباب الجزائري واستفادة من الخبرات السلوفينية

أشاد رئيس الجمهورية بما وصفه بـ “القدرات التي تملكها سلوفينيا والتي يمكن لشبابنا الاستفادة منها.”
هذا التصريح يفتح الباب أمام برامج تبادل أكاديمي وتقني يمكن أن تعزز من كفاءات الشباب الجزائري وتوفر له آفاقًا للتكوين في ميادين متطورة مثل التكنولوجيا الخضراء، الهندسة الدقيقة، والتسيير المستدام للمياه والبيئة.

المواقف النزيهة لسلوفينيا: دعم لفلسطين والصحراء الغربية

لم يفت الرئيس تبون أن يشيد بمواقف سلوفينيا على الساحة الدولية، واصفًا إياها بـ “الشجاعة والنزيهة، لا سيما تجاه القضية الفلسطينية.”
وقال: “سلوفينيا هي أول دولة أوروبية تعترف بدولة فلسطين، وهو شرف كبير ونتمنى أن تكون قدوة لباقي الدول.”
موقف سلوفينيا هذا يعدّ تقدمًا لافتًا في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، ويعكس انسجامًا سياسيًا وأخلاقيًا مع الموقف الجزائري الثابت والداعم للقضية الفلسطينية منذ عقود.

وفي السياق نفسه، نوّه الرئيس تبون بموقف سلوفينيا من قضية الصحراء الغربية، مشيرًا إلى دعمها لحل يرضي الطرفين تحت إشراف الأمم المتحدة، ويقرّ بحق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية عن طريق تنظيم استفتاء.
هذه الإشادة تؤكد على تطابق الرؤية السياسية بين الجزائر وسلوفينيا بشأن قضايا تصفية الاستعمار واحترام حقوق الشعوب.

علاقات جزائرية – سلوفينية على طريق التمكين

اللقاء الجزائري–السلوفيني الأخير لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل جسّد بداية مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، تقوم على المصالح المشتركة، الحوار السياسي، وتكامل الرؤى.
الجزائر وسلوفينيا اليوم تبرزان كنموذجين لدولتين تسعيان لتأسيس شراكة مستدامة في عالم متغير، شراكة ترتكز على الثقة، احترام السيادة، والتعاون متعدد الأبعاد