تركيا: أن تأتي متأخرا…

أخيرا، قرّرت تركيا قطع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الكيان الصهيوني وغلق مجالها الجوي وموانئها أمام طائراته وسفنه، استكمالا لقرار الرئيس طيب رجب أردوغان في 23 نوفمبر 2024 قطع العلاقات الديبلوماسية معه، احتجاجا على تواصل جرائمه التي فاقت كلّ الحدود في غزة. هي خطوة محمودة وينبغي تثمينها وحثُّ بقية المطبّعين المسلمين والعرب على الاقتداء بها، وإن […] The post تركيا: أن تأتي متأخرا… appeared first on الشروق أونلاين.

سبتمبر 6, 2025 - 20:07
 0
تركيا: أن تأتي متأخرا…

أخيرا، قرّرت تركيا قطع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الكيان الصهيوني وغلق مجالها الجوي وموانئها أمام طائراته وسفنه، استكمالا لقرار الرئيس طيب رجب أردوغان في 23 نوفمبر 2024 قطع العلاقات الديبلوماسية معه، احتجاجا على تواصل جرائمه التي فاقت كلّ الحدود في غزة.
هي خطوة محمودة وينبغي تثمينها وحثُّ بقية المطبّعين المسلمين والعرب على الاقتداء بها، وإن جاءت بعد 23 شهرا كاملا من الحرب على غزة، أي قرابة سنتين من حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال على الفلسطينيين بلا رحمة؛ إذ كنّا نودّ لو قطعت تركيا وبقية الدول الإسلامية والعربية المطبّعة علاقاتها كافّة معه في الأسابيع الأولى من الحرب، أسوة بدول أمريكية لاتينية وبلدان أخرى في هذا العالم لم تتردّد في اتخاذ خطوات مبكّرة في هذا الاتجاه وردّت على الاحتلال عمليّا، بعد أن اتّضح لهذه الدول أنّها ليست حربا على حركة “حماس”، بل على الشعب الفلسطيني برمّته بغرض إجباره على الهجرة أو إبادته بمجازر مهولة كلّ يوم.. لكنّ أن تأتي تركيا متأخّرة خير من أن لا تأتي أبدا.
نأمل فقط أن لا تكون هذه الخطوة مبتورة وأن تقدم بقيّة الدول الإسلامية والعربية المطبّعة وفي مقدّمتها مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان وأذربيجان وغيرها على قطع علاقاتها كافّة مع الاحتلال.. لا يعقل أن يمعن هذا الكيان المجرم الفاشي في ارتكاب المجازر تلو الأخرى بحقّ الأطفال والنساء ويقتل العشرات كل يوم من دون تمييز، وبكلّ وحشية ودموية، وأن يصرّ على منع دخول كميات كافية من الغذاء للفلسطينيين لقتلهم جوعا أو إجبارهم على الرحيل من غزة، وفي الوقت ذاته تفتح عدّة دول عربية طريقا برّيا لتزويد الاحتلال بالأغذية والمؤونة وكسر الحصار البحري الذي يضربه عليه الحوثيون منذ نوفمبر 2023 إلى اليوم.. ولا يعقل أيضا أن يتضاعف حجم المبادلات التجارية بين الكيان والدول المطبّعة في السنتين الأخيرتين، وفق إحصاءات الجمارك الصهيونية، وكأنّ هذه الدول تكافئه على جرائمه اليومية بحقّ الفلسطينيين، وعلى تجويعهم حتى الموت، وتدمير القطاع عن بكرة أبيه لإجبارهم على الهجرة بلا عودة وترك أراضيهم لقطعان المستوطنين!
نأمل إذن أن تقتدي بقية الدول الإسلامية والعربية المطبّعة بتركيا وتقطع بدورها علاقاتها كافة مع الاحتلال وتعود إلى دعم القضية الفلسطينية، كما فعلت موريتانيا في 2009 حينما قطعت علاقاتها مع الكيان احتجاجا على جرائمه التي ارتكبها في غزة في حرب 27 ديسمبر 2008- 18 جانفي 2009، مع أنّ ما ارتكبه الاحتلال في 23 يوما من الحرب آنذاك لا يكاد يساوي شيئا مع ما يقترفه منذ 23 شهرا كاملا من الحرب الدموية الحالية. وأكثر من ذلك، قامت الجرّافات الموريتانية آنذاك بهدم مقرّ السفارة الصهيونية بنواقشط وتسويته بالأرض لمحو عار التطبيع الذي ألحقه بها الرئيس المطاح به معاوية ولد سيدي الطايع.
كما نرجو أن تثبت تركيا على موقفها هذا وأن تكون القطيعة أبدية هذه المرّة، خلافا لما جرى في جويلية 2016 من إعادة العلاقات بعد ستّ سنوات فقط على مذبحة سفينة “مرمرة” التي قتلت فيها بحرية الاحتلال تسعة نشطاء أتراك كانوا ضمن أسطول يحاول كسر الحصار عن غزة. كان الله في عون الفلسطينيين.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post تركيا: أن تأتي متأخرا… appeared first on الشروق أونلاين.