متى يفهم العرب والمسلمون؟

أ د. عمار طالبي/ يأمل كثير من حكام العرب والمسلمين أن أمريكا حليف لهم، تدافع عنهم، وتحميهم من كل مكروه، بما في ذلك إسرائيل، ويبدو أنهم مازالوا كذلك، ومنحوا أموالهم وهداياهم، وشطح بعض نسائهم في استقبال ترمب، مرحبات راقصات الشعور والرؤوس، ولكن اليوم هجم الصهاينة بطائراتهم على قطر وسيادتها لاغتيال قادة حماس، والقضاء عليهم، ويصرح …

سبتمبر 17, 2025 - 17:57
 0
متى يفهم العرب والمسلمون؟

أ د. عمار طالبي/

يأمل كثير من حكام العرب والمسلمين أن أمريكا حليف لهم، تدافع عنهم، وتحميهم من كل مكروه، بما في ذلك إسرائيل، ويبدو أنهم مازالوا كذلك، ومنحوا أموالهم وهداياهم، وشطح بعض نسائهم في استقبال ترمب، مرحبات راقصات الشعور والرؤوس، ولكن اليوم هجم الصهاينة بطائراتهم على قطر وسيادتها لاغتيال قادة حماس، والقضاء عليهم، ويصرح ترمب أن حماس هدف مشروع لإسرائيل، ويصرح تصريحات ليس لها معنى إلا أنه ترك نتنياهو يفعل ما يشاء، ويمرح في بلاد العرب ويعربد بأجهزته العسكرية، والأمنية، والاستخباراتية، ويعينه في ذلك الأمريكان والبريطانيون للهجوم على قطر التي سمحت لهم بقاعدة عسكرية كبرى، يشنون الهجوم منها على العراق وإيران، ويعتدون اليوم على من يزعمون أنه حليف لهم، وهو الذي أنقذهم من أفغانستان التي عجزوا عن استسلامها لسنين عديدة لمدة عشرين عاما، فانهزموا شر هزيمة بين جبالها وسهولها، رغم تحالف الغرب كله معهم حوالي ستين حليفا، فخابوا وخسروا ودمروا، وأهلكوا الحرث والنسل في السجون والمعتقلات الرهيبة.
خاب فيما يبدو اليوم ظن العرب وخاصة عرب الخليج، وتبين لهم إن كانوا يبصرون ويدركون أن الأمريكان هو الذي يُعين الصهاينة على احتلال الجزيرة بما في ذلك مكة والمدينة المنورة لا قدّر الله، وهل بعد هذا ما يزالون يعتقدون بحماية الأمريكان لهم، لا يعتقد ذلك إلا من فقد عقله، وانسلخ من إنسانيته، فأصبح أصمّ أعمى أحمق لا علاج لحماقته وبلادته أبدا.
ماذا ينتظر هؤلاء العرب من بياناتهم وتنديدهم، ألم يعلموا أن ذلك لا يجدي نفعا، وأن الصهاينة ماضون مع الأمريكان في عدوانهم، واحتلالهم لأراضي المقدسات، وبعدها مقدسات مكة، والمدينة، وقد أحضروا مخططات المدينة وخيبر وما حولها. جاء اليقين، وذهب الوهم، وحق القول والعمل، وتبين لكل ذي بصيرة وعقل وحدس الرشد من الغي، والنباهة من السفاهة، جاء الحق وزهق الباطل.
يا حكام العرب الواهمين، متى تزول أوهامكم وتعتمدوا على أنفسكم وشعوبكم وأهل الرشد والخبرة من علمائكم وخبرائكم وهم كثير اليوم في كل مجال.
استثمروا أموالكم في أرضكم وأكثروا من البحث العلمي واجتهاد أبنائكم في شؤون التقنية، فإن العلم اليوم هو القيمة الكبرى وما تفوق الأمريكان إلا بالعلم وبحوثه، وتجاربه ومراصده.
إن شعوبنا ملّت من مشاهدة هذا الذل، والهوان، ونحن رجال ونساء لنا عقول مثل عقول الآخرين، ولنا ثرواتنا وأموالنا ولكن ساء تدبيرها والتصرف فيها، وزين الشيطان أعمالنا فأصبحنا تستباح أراضينا وأموالنا عن رضا منا، يأتي يوم تحاسبون فيه على السفاهة والتبلّد، وتنمية الضياع، والخسران المبين.
الخاسرون هم الذين خسروا أنفسهم وأموالهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم، وسوء تصرفاتهم العمياء، فماذا هذا التخلف الذي رضيتم به، وسولت لكم أنفسكم أن الآخرين يحمونكم إذا منحتم لهم أموالكم، وأراضيكم وسيادتكم.
فها هم اليوم يعتدون عليكم ويحتقرونكم، ويعلمون أنكم لا شيء، لا تقدرون على شيء، فأين الغيرة وأين العزة؟
لا أظنكم اليوم إلا مدركون للخطر الحقيقي يداهمكم، وما يزال إن دمتم في غياب عقولكم وفقدان رشدكم.
طالما اتبعتم طريق الغيّ وتركتم طريق الرشد، أما آن لنا ولكم وللأمة أن تبدل المنهج والطريق الذي أفلسنا فيه أيما إفلاس، أيها الناس: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ(النساء/05) هذا ما حذرنا القرآن منه، حذرنا من السفه، وأمرنا بالرشد، ولكن متى نرشد؟ المسؤولية واضحة وثقيلة، والأمة عانت ما عانت، ألا متى الفجر بعد الظلام؟