جمعية العلماء المسلمين بقسنطينة تحتضن المفكر الجزائري الكبير الطيب برغوث
د. محمد عوالمية (*)/ احتضنت المدرسة القرآنية البصائر بمدينة الخروب ( قسنطينة) التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين أمس الخميس 24 جويلية بدءا من الساعة الخامسة مساء نشاطا ثقافيا نوعيا حضره الكثير من الأساتذة والباحثين والنشطين في الحقل الثقافي بمدينة قسنطينة. تمثل هذا النشاط في محاضرة موسومة بــ: الفعالية الاجتماعية وقياس مستوى الوعي والنضج الرسالي لدى …

د. محمد عوالمية (*)/
احتضنت المدرسة القرآنية البصائر بمدينة الخروب ( قسنطينة) التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين أمس الخميس 24 جويلية بدءا من الساعة الخامسة مساء نشاطا ثقافيا نوعيا حضره الكثير من الأساتذة والباحثين والنشطين في الحقل الثقافي بمدينة قسنطينة.
تمثل هذا النشاط في محاضرة موسومة بــ: الفعالية الاجتماعية وقياس مستوى الوعي والنضج الرسالي لدى الأفراد والمجتمع.
استفاد الحضور كثيرا من هذه المحاضرة المركزة التي تطرق فيها الأستاذ الطيب إلى موضوع الفعالية الاجتماعية كأداة لقياس الوعي والنضج الرسالي في المجتمع وقد استهل محاضرته ببيان مفهوم النجاح الذي هو نتيجة الفعالية حيث ذكر أن النجاح دنيوي وأخروي وأنه يجب أن يشمل كافة الدوائر التي يعيشها الإنسان كفرد وكأسرة وكمجتمع وكدولة وكأمة وكحضارة.
وذكر بأن التقصير في أية دائرة يجعل النجاح منقوصا كما أن حصر النجاح في الشق المادي الدنيوي للإنسان يجعله منقوصا ـ وهو المطب الذي تقع فيه المجتمعات المتقدمة مثلا.
فإذا كان النجاح هو تحقيق أقصى حد ممكن من الإنجاز النافع في كافة المجالات والدوائر فإنه محتاج إلى الفعالية الاجتماعية التي تمنحه إشعاعه وتتيح الاستفادة منه لجميع مكونات المجتمع، وفي هذا السياق أشار الدكتور الطيب إلى أن الفعالية الاجتماعية هي حصيلة التأليف بين الفعاليات الفردية أو الذاتية في كافة المجالات وهي الضامن لعدم تصادمها وتضاربها وذلك لا يتحقق إلا إذا أدرك كل منا ما هو ميسر له فاستعمل نفسه فيه غير مشوش على جهود غيره ولا ملغ لها.
أما النضج الرسالي الذي نقيسه من خلال الفعالية الاجتماعية فهو مقدار الوعي بالهدف الكلي لأي مجتمع والمتمثل في تحقيق نهضته الحضارية وتمكين أفراده من العيش في سعادة وكرامة وقد أمنهم من جميع المخاطر الفردية والاجتماعية والخارجية التي يمكن أن تطالهم وتهدد وجودهم:
أما السؤال المفتاحي الذي ظل الحاضرون مشرئبين إلى كيفية الإجابة عنه والمتمثل في: كيف تتحقق الفعالية الاجتماعية؟ فقد وضعه الأستاذ الطيب برغوث في إطاره الكلي إذ ذكر بأن تحقيق الفعالية الاجتماعية لا يتأتى إلا بالبحث العميق عن سنن الله في الآفاق والأنفس بمعنى المادة والإنسان وسننه في الهداية والتأييد والسير وفقها بإخلاص وتجرد لله عز وجل. وقد أشار في هذه النقطة إلى اختلال التوازن في تحقيق الفعالية لدى من يعمل في إحدى الساحات الأربع لسنن الله مهملا غيرها. وقد ضرب لذلك مثلا بالمجتمعات الغربية التي أبدعت في ساحة سنن الآفاق والأنفس ولكنها تنكرت لسنن الهداية والتأييد فجاءت فعاليتها منقوصة مدمرة للإنسان ـ رغم الكثير من حسناتها ـ
كما ضرب مثلا بمجتمعاتنا الإسلامية التي حاولت تغليب ساحتي الهداية والتأييد على غيرهما فجاءت فعاليتها مشوهة تحول دون دور الشهادة والقوامة الحضارية التي انتدب الله هذه الأمة إلى القيام بها.
فمنظور السننية الشاملة الجامع بين كافة الساحات والمؤلف بين كافة أشكال الفعالية والذي يرد الجزئيات إلى كلياتها هو الحل الجذري للجانب الفكري الذي يمثل الخطوة الأولى للحركة الفردية والاجتماعية على خط الفعالية المنشودة.
أعقب المحاضرة القيمة نقاش مستفيض أثرى محتواها وجلى بعض غوامضها وأتاح للأستاذ الطيب برغوث تحسس كيف ينظر الناس إلى هذا الموضوع مما جعله يسأل الله عز وجل أن يمده بموفور الصحة والعافية ليتوج كتاباته بمؤلف يبسط فيه هذه المسألة التي ذكر بأنها واضحة في تصوره كل الوضوح. فالله نسأل له موفور الصحة والعافية وله نزجي جميل عبارات التقدير أصالة عن أنفسنا ونيابة عن كل من حضر واستفاد وكل من سيستفيد من المحاضرة بعد نشرها.
أما جمعية العلماء المسلمين مكتب قسنطينة ومدرسة البصائر القرآنية فلهما منا كل التقدير
و دامتا محضنا لكل فكر نافع ولكل نشاط ثقافي نوعي وفعال منطلقه القرآن وغايته النهوض الحضاري بأمة القرآن. و تعميما للفائدة و لمن لم يحضر الندوة و أجواءها ، يرجى تصفح موقع منتدى دراسات النهضة الحضارية، كما يمكنه الاطلاع على تعليقات و آراء ضيوف الندوة و زوارها.
( *) -أستاذ التعليم العالي في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة).