“حوادث النقل الجماعي”… من هو المسؤول؟ (خبير)

أعادت حادثة الحافلة التي علقت عند مدخل أحد الأنفاق بسبب علوها المفرط، النقاش مجددًا حول مسؤولية الأطراف المختلفة في حوادث النقل الجماعي، بين السائقين، الشركات المالكة، وحتى الجهات التنظيمية. وفي هذا السياق، طرحنا السؤال على الخبير في السياقة المرورية، علي شقيان، الذي قدّم قراءة شاملة للموضوع، استنادًا إلى النصوص القانونية والممارسات الميدانية. مسؤولية السائق بين [...] ظهرت المقالة “حوادث النقل الجماعي”… من هو المسؤول؟ (خبير) أولاً على الحياة.

أغسطس 27, 2025 - 20:41
 0
“حوادث النقل الجماعي”… من هو المسؤول؟ (خبير)

أعادت حادثة الحافلة التي علقت عند مدخل أحد الأنفاق بسبب علوها المفرط، النقاش مجددًا حول مسؤولية الأطراف المختلفة في حوادث النقل الجماعي، بين السائقين، الشركات المالكة، وحتى الجهات التنظيمية.
وفي هذا السياق، طرحنا السؤال على الخبير في السياقة المرورية، علي شقيان، الذي قدّم قراءة شاملة للموضوع، استنادًا إلى النصوص القانونية والممارسات الميدانية.

مسؤولية السائق بين القانون والتكوين
يرى الخبير أن السائق يبقى الطرف الأول المسؤول قانونيًا عن مثل هذه الحوادث، إذ ينص القانون رقم 01-14 المؤرخ في 19 أوت 2001، المتعلق بتنظيم حركة المرور وسلامتها وأمنها، والمعدّل والمتمم بالقانون رقم 17-05، على تحديد الأبعاد القصوى للمركبات الثقيلة من حيث الطول والعرض والعلو، حيث لا ينبغي أن يتجاوز ارتفاعها أربعة أمتار، وهو معيار دولي معتمد. وفي حال تجاوز المركبة هذا العلو، لا يُسمح لها بالسير إلا بموجب ترخيص خاص يحدد مسارها بدقة.

وفي حادثة النفق الأخيرة، أوضح شقيان أن الخطأ وقع بسبب عجز السائق عن تقدير ارتفاع الحافلة أو “البرّاد” المثبت فوقها، ما أدى إلى اصطدامه بسقف النفق. وهو خطأ يعكس – حسبه – ضعفًا في التكوين العملي، وغياب الالتزام بالتحقق من إشارات المرور الخاصة بالعلو الأقصى المسموح به عند الجسور والأنفاق.

ويُضيف أن القانون المعدّل رقم 17-05 أقرّ منذ سنوات إلزام سائقي الوزن الثقيل بالحصول على شهادة الكفاءة المهنية، وهي تكوين إضافي شامل يمنحهم معارف أوسع في مجال السياقة الدفاعية وفهم القوانين المرورية. لكن الواقع – حسب الخبير – يُبيّن أن نسبة هامة من السائقين، خاصة الشباب بين 19 و39 سنة، وخصوصًا حديثي الحصول على رخصة السياقة (أقل من 5 سنوات خبرة)، يفتقرون إلى هذا التكوين الفعّال، مما يضاعف من احتمالية وقوع الحوادث.

دور الشركات والجهات المنظمة
إلى جانب السائق، حمّل شقيان جزءًا من المسؤولية إلى الشركات المالكة للحافلات، التي يُفترض أن تُراقب باستمرار حالة مركباتها، أبعادها وتجهيزاتها، قبل إخراجها إلى الخدمة. فغياب هذه الرقابة، والسعي وراء الربح السريع، يؤدي إلى إهمال إجراءات السلامة.

كما دعا إلى دور أكبر لوزارة الأشغال العمومية في وضع إشارات واضحة ومُحدّثة عند مداخل الأنفاق والجسور، مع الاعتماد على أنظمة ذكية للتنبيه المسبق، مثل الكاميرات والرادارات، التي تكشف المركبات المخالفة وتنذر السائق قبل الوصول إلى النقطة الخطرة.

بدائل وحلول مقترحة من الخبير
قدّم الخبير علي شقيان جملة من المقترحات التي اعتبرها ضرورية للحد من الحوادث المماثلة:

إعادة النظر في منظومة التكوين الخاصة بالسائقين، مع رقمنة المسابقات والامتحانات لجعل الحصول على رخصة السياقة أكثر صرامة وشفافية.

تعزيز التكوين الإضافي لسائقي الحافلات والشاحنات، مع إدراج وحدات خاصة بالسياقة الدفاعية والتقنيات الحديثة.

رقمنة القطاع عبر اعتماد تطبيقات ذكية تُساعد السائق في تحديد المسارات المناسبة، وتُوفر بيانات دقيقة حول علو الجسور والأنفاق.

تجهيز الحافلات بأنظمة ذكية تساعد السائق على تفادي الحوادث، من خلال مستشعرات متطورة لقياس المسافات والارتفاعات.

تحسين البنية التحتية عبر تثبيت لوحات إشعارية مضيئة أو إنذارات صوتية عند مداخل الأنفاق والجسور، لضمان تنبيه السائقين قبل الدخول.

للإشارة، ترأس رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، اجتماعًا خُصص لقطاع النقل، استُهل بالترحم على أرواح ضحايا المأساة الأخيرة، التي كشفت عن ثغرات خطيرة في منظومة النقل.

وخلال الاجتماع، تم اتخاذ عدة قرارات هامة لمعالجة الوضع، أبرزها:

الاستيراد الفوري لـ10 آلاف حافلة جديدة لنقل المسافرين لتعويض الأسطول القديم، بإشراف وزارة الصناعة.

إطلاق عملية استيراد مكثفة لمختلف أنواع عجلات المركبات لضمان شروط سلامة أفضل.

إعداد تشريعات جديدة لتنظيم حركة المرور، خاصة ما يتعلق بشروط تسليم رخص السياقة، على أن تُعرض في اجتماع مجلس الوزراء المقبل.

تحميل المسؤولية المدنية للمتسببين في حوادث المرور، مع إخضاع السائقين لمراقبة دورية تشمل الكشف عن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.

توسيع نطاق المسؤولية لتشمل الجهات المكلفة بصيانة الطرقات، مدارس تعليم السياقة، مؤسسات المراقبة التقنية، وكل طرف يُثبت تورطه أو تقصيره.

تكليف مصالح الدرك الوطني والأمن الوطني بتشديد المراقبة عبر كامل التراب الوطني، لضمان تطبيق صارم لقانون المرور، والحدّ مما وصفه الرئيس بـ”إرهاب الطرقات”.

ظهرت المقالة “حوادث النقل الجماعي”… من هو المسؤول؟ (خبير) أولاً على الحياة.